رسالة من رابطة الكتاب السوريين.. إلى اتحادات وروابط الكتاب العربية وعموم الكتاب والمثقفين العرب

1

مع دخول انتفاضة مدينة السويداء شهرها الثاني، تتوجه رابطة الكتاب السوريين إلى الكُتاب والمثقفين العرب؛ المنضوين في إطار روابطهم واتحاداتهم، وإلى المستقلّين منهم؛ لتخاطبهم من موقع المسؤولية المهنية، ومن روح الفعالية الأدبية المطبوعة بحرية الإنسان وكرامته وآماله بالعيش الكريم، والالتزام بقضية أن يبقى حراً آمناً في وطنه، ومن روح الثقافة بوصفها التزاماً ناقداً، وانتماءً للفكر والحرية.

الزملاء الكتاب العرب

نتوجه إليكم، وبعد ما يقارب 13 سنة من انطلاق ثورة الحرية والكرامة في سوريا ضد نظام الاستبداد الأسدي، الذي قابَل الثائرين في الشوارع السورية بالحديد والنار، وقاد حرباً وحشية ضدّ كل من صرخ طالباً الحرية للسوريين، عمل فيها على تحويل الحراك السلمي المدني الديمقراطي من خلال الإصرار على الحلّ الأمني إلى مواجهة مسلحة بينه وبين فصائل متشددة، بعد أن أمعن في سياسة القتل والاعتقال والتهجير، وتدمير الحواضر والمدن المنتفضة ضدّه، مستعيناً منذ الأيام الأولى بحلفائه الإيرانيين الذين لم يألوا جهداً في تقديم الدعم المستمر له، وكذلك حلفائه الروس الذين جاءوا بطيرانهم الحربي وقواتهم النظامية وأيضاً بمرتزقة” فاغنر” ليشاركوه عن سابق قصد وتعمّد بإجرامه، ما أدى إلى موجات نزوح داخلية كبرى، وفرار جماعي لأهلنا صوب الدول المجاورة والعالم كلّه، الأمر الذي تسبّب بأكبر كارثة تلحق بسوريا منذ مئات السنين.

لقد حاول النظام وحلفاؤه منذ بداية الثورة وصمها بما فيه وحده، من فئوية وتمييز وإرهاب، مستغلاً أدوات إعلامية محلية وعربية كرست كل جهودها لإنكار حقوق السوريين والعرب بالحرية والكرامة ثم استعداء الرأي العام العربي والعالمي ضدها. لكنه، رغم كل ما قام به، لم يستطع أن يقتل الروح السورية المتوثّبة، التي قرر أصحابها ألا يعود التاريخ بهم إلى الوراء من دون أن يتحقق حلمهم بالتحرر من كلّ أشكال الاستبداد القائمة.

لا يتعصّب السوريون ولا يطلبون المستحيل، وجلّ ما يتمسّكون به تطبيق القرار الأممي 2254، الذي ينص على البدء بعملية سياسية انتقالية تضمن إنهاء المأساة السورية وفق رؤية عادلة للحل. لكن النظام السوري الذي تدهور مساره حتى تحول إلى أكبر صانع ومصدر للمخدرات في العالم ما برح يمارس التسويف والخداع للجميع، وبما فيها الدول العربية التي قررت إعادته إلى الجامعة العربية لمساعدته في تعديل سلوكه، وإتاحة الفرصة له من أجل إثبات حسن نيته، وقبوله بخريطة الحل السياسي، وفق آلية خطوة مقابل خطوة.

غير أن شيئاً من كل هذا لم يحدث، بل قام بشار الأسد بالإعلان صراحة عن عدم اهتمامه بخطوات الدول العربية، ولم يقدم على تنفيذ الخطوات الأولى المطلوبة منه، كأن يثبت جديّته في العمل على إيقاف تصنيع المخدرات وتصديرها إلى الدول العربية وتهديد مجتمعاتها.

وعلى الصعيد الداخلي، لم يوقف النظام أيّاً من سياساته الدموية، بل قام بتدمير الاقتصاد المحلي بعد أن أقدم على بيع أصول البلاد الرئيسية لحلفائه، وترك التحكم بالأعمال لأمراء الحرب وتجارها، الذين باتوا كما يعلم الجميع مرتبطين بشكل غير مخفي مع أسماء الأسد، زوجة الطاغية؛ التي تدير وتتحكم بكل شاردة وواردة في الاقتصاد السوري الذي ينهار يوماً بعد يوم، الأمر الذي يؤدي إلى مغادرة الآلاف من الشباب يومياً للبلاد صوب أوروبا، عبر طرق التهريب الخطرة، التي تصل الأخبار يومياً عن ضحاياها في البحر وفي الغابات الباردة.

لم يرضخ السوريون طيلة السنوات الماضية لما قرره لهم الدكتاتور من مصير، فعادوا من جديد إلى الشوارع في حراك سلمي ومدني يهتف برحيل النظام كخطوة أولى في سبيل استعادة سوريا، من الوضع المأساوي الذي تعيشه. فأعادت ثورة مدينة السويداء في الجنوب السوري الأمور إلى مربعها الأول، دون أن يستطيع النظام تزوير الحقائق حول من يقفون ضده. فمن ينزل اليوم إلى ساحة الكرامة وينادي بإسقاطه، شأنهم شأن كل من سبقهم من السوريين في العام 2011، يرفعون أغصان الزيتون بيد واللافتات بيد. إلا أن أبواق النظام لا تستطيع اختلاق الأكاذيب القديمة، وتتهّم الموحّدين من أهل السويداء الحرة بأنهم إخوان مسلمون ولا سلفيّون أو إرهابيون.

الزملاء أصحاب القلم والفكر

نثمّن ونحيي مواقف المثقفين العرب الذين لم يترددوا في دعم حراك شعبنا التحرري، وما زال السوريون يعقدون الأمل بأن تقف النخب العربية الموقف النابع من القيم التي تربط بينها، والمرجو منها دائماً؛ وأن يرفع المثقفون والكتّاب صوتهم الداعم لآمال السوريين بالحرية والكرامة، وإعلان موقف متجدّد من جرائم النظام وكافة قوى الاحتلال على الأرض، وكذلك ضدّ كل انتهاكات سلطات الأمر الواقع في المناطق الخارجة عن سيطرته، لإنهاء إحساس السوريين بالظلم الذي وقع عليهم بسبب سياسات النظام أولاً وأخيراً، وبما يؤلمهم خصوصاً في إشاحة النظر من قبل الاتحادات والروابط العربية والعديد من أهل الثقافة والآداب والفنون عن مأساتهم!

إننا ندعوهم، لإعادة النظر بمواقفهم تجاه المأساة السورية، بعد أن استغل النظام مواقفهم العروبية، فحوّلها إلى خطوات داعمة له، يحارب بها الكتاب السوريين المعارضين، ليستمر في كمّ الأفواه، ويستكمل تحويل البلاد إلى خرائب وسجن كبير.

لقد كان السوريون ومازالوا طليعة في دعم إرادات الشعوب العربية، وتحقيق طموحاتها، فلا تخذلوا الشعب السوري، وكونوا معه، واكتبوا إعلانكم بدعم ثورته في دفتر التاريخ.

رابطة الكتاب السوريين

26/09/2023

1 تعليق

Comments are closed.